كيفية الجلوس في الصلاة: شرح مفصل ووافي
تعتبر الصلاة من أعظم العبادات في الإسلام، وهي الركن الثاني من أركان الدين التي فرضها الله تعالى على المسلمين. تتطلب الصلاة من المسلم أن يؤديها بخشوع وتدبر، وأن يؤدي حركاتها وفقاً لما ورد في السنة النبوية. من ضمن الحركات الأساسية في الصلاة، تأتي “الجلوس” وهي من الركعات الضرورية التي يقوم بها المسلم بين الأوضاع المختلفة، مثل الجلوس بين السجدتين أو الجلوس في التشهد الأول أو الأخير.
في هذا المقال، سوف نتناول بالتفصيل كيفية الجلوس في الصلاة، مع شرح الأوضاع الصحيحة، والدعاء المستحب أثناء الجلوس، بالإضافة إلى بعض الفوائد الروحية التي يعود بها الجلوس على المسلم.
أهمية الجلوس في الصلاة
الجلوس في الصلاة هو لحظة من لحظات الطمأنينة والتأمل التي يعيشها المسلم في صلاته. إنها فرصة للراحة البدنية والعقلية بعد السجدتين أو الركعات، بالإضافة إلى أن هذا الجلوس له بُعد روحاني عميق. ففي كل حركة من حركات الصلاة، تتجلى سمو العبادة وتواضع العبد بين يدي الله تعالى.
إن الجلوس في الصلاة يمثل لحظة تواصل حقيقية مع الله، خاصة في التشهد، حيث يردد المسلم كلمات الشهادتين ويدعو الله تعالى. وعلى الرغم من أن الصلاة تتكون من عدة حركات بدنية، إلا أن الهدف النهائي منها هو الخشوع والتفكر في آيات القرآن ودعاء الله في جميع الحالات.
أنواع الجلوس في الصلاة
ينبغي على المسلم أن يتعلم كيفية الجلوس بشكل صحيح في الصلاة، ويشمل ذلك الجلوس بين السجدتين، وكذلك الجلوس للتشهد الأول والأخير. كل نوع من هذه الأنواع له صفة خاصة ومواضع معينة.
الجلوس بين السجدتين
بعد أن يسجد المسلم، يرفع رأسه من السجود ليتبع ذلك بالجلوس. يعد هذا الجلوس أحد الحركات الأساسية التي يجب أن يتم إتمامها بالشكل الصحيح في الصلاة. ويشمل هذا الجلوس رفع الساق اليمنى مع جلوس الفخذ الأيسر على الأرض، بينما يكون الركبتان مسطحتين على الأرض.
يجب أن يكون الجلوس بين السجدتين معتدلاً دون عجلة أو إبطاء. يُستحب أن يضع المصلي يديه على فخذيه أو ركبتيه مع التوجه إلى الله تعالى بالدعاء. يمكن أن يدعو المسلم في هذا الجلوس بما شاء من الأدعية الطيبة، وإن كان من الأدعية المشهورة في هذه الحالة “رَبِّ اغْفِرْ لِي وَارْحَمْنِي”، وهي من الأدعية المستحبة في هذا الموضع.
الجلوس للتشهد الأول
بعد الركعة الثانية من الصلاة، يأتي الجلوس للتشهد الأول، الذي يكون بعد السجدتين. في هذا الجلوس، يجب أن يلتزم المسلم بالقعدة الصحيحة: حيث يجلس على فخذيه مع وضع قدمه اليمنى على الأرض، ويضع يده اليمنى على فخذها الأيمن، بينما تكون اليد اليسرى على فخذها الأيسر. كما يجب أن يكون الجلوس مستقيمًا دون انحناء أو تهاون.
في هذا الموضع، يبدأ المسلم بالتشهد الأول الذي يكون عبارة عن قول: “التحيات لله والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله”.
الجلوس للتشهد الأخير
يُعد الجلوس للتشهد الأخير من الجلوسات الأكثر أهمية في الصلاة، لأنه يأتي بعد الركعة الأخيرة من الصلاة، ويُختتم فيه الدعاء والتسليم. في هذا الجلوس، يجب أن يُتبع نفس الوضعية كما في التشهد الأول، مع التأكد من الاستقامة والتركيز. ويتم ترديد نفس كلمات التشهد، ويستحب أن يدعو المسلم بعد ذلك بما شاء من الدعاء، ويُختتم بالتسليم: “السلام عليكم ورحمة الله” على الجهة اليمنى، وبعدها يتم الانتهاء من الصلاة.
الأخطاء الشائعة في الجلوس في الصلاة
رغم أن الجلوس في الصلاة قد يبدو بسيطًا، إلا أن بعض الناس قد يرتكبون بعض الأخطاء التي تؤثر على صحة الصلاة أو تؤدي إلى نقص في الخشوع. من بين الأخطاء الشائعة في الجلوس:
-
الجلوس بسرعة دون تمهل: قد يتعجل بعض المسلمين في الجلوس بين السجدتين أو في التشهد، مما يؤدي إلى عدم الاستقرار في الجلوس. ومن الأفضل أن يأخذ المسلم وقتًا لتأدية الجلوس بهدوء وطمأنينة.
-
الإمالة أو الميل الزائد أثناء الجلوس: بعض المصلين قد يميلون إلى الجلوس بشكل مائل أو منحني، مما يجعلهم يفقدون التوازن، ويؤثر ذلك على صحة الصلاة.
-
وضع اليدين بشكل خاطئ: يجب أن تكون اليدان في الوضع الصحيح عند الجلوس بين السجدتين، بحيث لا يتم تَشابك الأصابع أو وضع اليدين بشكل غير مناسب. اليدين يجب أن تكون على الفخذين بشكل طبيعي.
-
إهمال الدعاء في الجلوس: يعد الدعاء أثناء الجلوس بين السجدتين أو في التشهد فرصة كبيرة لطلب مغفرة الله ورحمتها. بعض المصلين قد يهملون هذه اللحظة ولا يدعون ما يستحب في هذه الأوقات.
أدعية الجلوس في الصلاة
من بين الأدعية المستحبة أثناء الجلوس في الصلاة، سواء بين السجدتين أو أثناء التشهد، يمكن ذكر ما يلي:
-
الدعاء بين السجدتين: يُستحب للمسلم أن يدعو الله بما شاء من خير، ومن الأدعية التي ثبتت في السنة:
-
“اللهم اغفر لي وارحمني”.
-
“اللهم اجعلني من أهل الجنة”.
-
-
التشهد الأول:
-
“التحيات لله والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله”.
-
-
التشهد الأخير:
-
بعد التشهد الأخير يُستحب الإكثار من الدعاء، مثل: “اللهم اجعلني من الذين يسيرون على صراطك المستقيم”، أو “اللهم ارزقنا الفردوس الأعلى”.
-
الفوائد الروحية للجلوس في الصلاة
تعد لحظة الجلوس في الصلاة من اللحظات التي تعزز الخشوع وتساهم في تنقية الروح، وفيما يلي بعض الفوائد الروحية للجلوس في الصلاة:
-
الراحة البدنية والعقلية: يوفر الجلوس في الصلاة فترات راحة أثناء العبادة التي قد تستمر لفترة طويلة. هذه اللحظات تعطي الجسم فرصة للتنفس والاسترخاء قبل أن يستأنف المسلم حركاته الأخرى.
-
التركيز الذهني: الجلوس بين السجدتين، أو أثناء التشهد، هو وقت مهم للتفكير والتدبر في ما يقوله المسلم. هذا يساعد في تقوية علاقة العبد بربه.
-
تقوية الإيمان: يعتبر الجلوس والتشهد وسيلة لزيادة تقوى القلب وزيادة الإيمان. في هذا الوقت، يشعر المسلم بالقرب من الله، حيث يردد كلمات التوحيد والشهادة.
-
زيادة الخشوع: من خلال الجلوس، يستطيع المسلم أن يركز على كلام الله وأدعيته، مما يعزز الخشوع ويجعل الصلاة أكثر تأثيرًا في الروح.
الخاتمة
الجلوس في الصلاة ليس مجرد حركة بدنية، بل هو لحظة روحانية هامة تتيح للمسلم التواصل مع الله والدعاء له. يجب على المسلم أن يحرص على إتمام هذا الجلوس بشكل صحيح، وأن يكون لديه الوعي الكامل لأهمية هذه اللحظة في عبادته.
